دعوة للمساهمة في العدد الأول بعنوان:
"التغطية الإعلامية للأزمات وتحديّات البيئة الرقميّة".

يُطرح اليوم على المهتميّن ببحوث الإعلام وتحديدا في كلّ ما يتّصل بدراسة عمليّة تأثير وسائل الإعلام على المتلقي تحدّيا إيتيقيا كبيرا يتمثّل في الآتي: إلى أيّ مدى يمكن أن نعتبر أن كلّ ما يصل المتلقّي من رسائل إعلامية مصدرها الصّحفي أولا وأخيرا؟ هل يمكن القول أنّه كلّما تقلّص دور الصحفي في عملية التّغطية الإعلاميّة تدخّلت أطراف أخرى في تحديد أجندات ما نشاهد وما نقرأ؟ هل يصحّ اليوم الحديث عن منهجيّة تحليل مضامين وسائل الإعلام إذا ما كان وراء رسائل وسائل الإعلام ساسة واقتصاديين وقوى ضغط أو جهات أمنية مثلا؟ تتصاعد حدّة هذه الأسئلة عندما تستوقفنا بالخصوص تغطية وسائل الإعلام للأزمات الكبرى؛ حيث تتداخل الأطراف، وتفرض سرعة التّغطية نسقها، ويتّجه الجميع إلى الإعلام بوصفه أداة لتوجيه الرأي العام مع تصاعد وتيرة الأزمة، وتختلط المعلومة والخبر بالأمن القومي والمصلحة العامّة وغيرها من المبرّرات. لا نريد ونحن نتحدّث عن الأزمة أن نذهب مباشرة إلى إثارة أزمة وباء كوفيد 19 العالمية فحسب، على اعتبار أنّ ما شهده العالم من أزمات لا تُحصى ولا تُعدّ؛ بداية بأزمة حرب اجتياح العراق عام 2003 وكيف كان الإعلام سلاحا لها وذلك تحت مبرّرات إنقاذ الشّعب العراقي وحماية حقوق الانسان، ومرورا بظاهرة تنظيم داعش الذي كان إلى يوم ليس بالبعيد حديث السّاعة في كل وسائل الإعلام تحرّكه أجندات دوليّة بأذرع إعلامية، ووصولا إلى أزمة جائحة كوفيد 19 التي يرى فيها البعض حربا بيولوجيّة تخوضها بعض بلدان العالم من أجل كسب تموقع جديد على المستويين السياسي والاقتصادي. لسنا بهكذا مقاربة ونحن نثير الحديث عن التغطية الإعلامية والأزمات ممّن يريد أن يقدّم إجابات جاهزة تتقاطع مع نظريات المؤامرة، بل إن المسألة كما سبق وأن أشرنا إيتيقيّة بالأساس أي لها صلة بأخلاقيّات العلم أو ما يُسمّى “بمسافة الباحث التحرّرية"، حسب المفكّر هبرماس. لا يمكن اليوم دراسة التغطية الإعلاميّة لجائحة كورونا دون أن نستعيد إلى الذّاكرة كل ذلك الإرث الإعلامي والاتّصالي في تغطية العديد من الأزمات عبر التاريخ والتي أكّدت كلّها أن للإعلام يدا قصيرة هنا وطويلة هناك. قصيرة هنا عندما تُصبح تغطية القضية الفلسطينية حدثا عابرا مثل تغطية حوادث المرور والانتحار. وطويلة هناك عندما تُصبح جائحة كورونا فجأة المادّة الأولى على مدار الساعة لجُلّ وسائل الإعلام في العالم رغم ما في الوباء من وَجاهة الأزمة وتوافر مبرّرات علميّة وصحية عن مدى خطورتها. قد يصعب علينا -ونحن نثير هذه الإشكاليّة المستحدثة-تصوّر تشكّل أزمة أو حلّها بدون الاستعانة بالإعلام، بل ربّما قد تكون هناك أزمات تُصنع في غرف الأخبار قبل أن يُسوّق لها سياسيّا وشعبيّا.

لقد أظهرت التّغطية الإعلامية لجائحة كورونا هذه السّنة إلى أيّ مدى يمكن أن تذهب وسائل الإعلام بعيدا في محاصرة حاضر الانسان ومستقبله حتّى وإن وصل الأمر به إلى الاستعانة بالأخبار الكاذبة والحرب النفسية كسند في إقناع الرأي العام.
إنّ صحّة تحليل مخرجات وسائل الإعلام وعِلميّتها كامن في مصدر تلك المخرجات التي يجب أن تكون نابعة من الصحفي لا غير. كما أنّ التّوجّه الذي يسعى إلى إدارة الأزمة عبر الاتّصال والعلاقات العامة هو منزع قاصر يريد الالتفاف على إدارة الأزمة وتوجيه الرّأي العام عن أثار الأزمة وأسبابها. ولعلّنا لمسنا طيلة جائحة كورونا ضعف البنية الصحّية في أغلب دول العام أكانت متطوّرة أم متخلّفة، وشهدنا هشاشة ميزانيّة البحث العلمي قياسا بجمعيّات رياضيّة شهيرة، وتساءلنا عن توجّهات وسائل الإعلام في مجال التّغطية الإعلامية، فانكشف لنا اهتمامها بالنّجوم والإثارة والتّسلية والتّرفيه والتّفكير السّطحي والسّريع. ولمسنا حقيقة أنّ الأزمة تكمن فيما قبل الأزمة. لكن هل يمكن اليوم الحديث عمّا قبل الأزمة إذا ما كانت العولمة هي أزمة دائمة، تسعى بدورها إلى عولمة الأزمات، شعارها لا وقت لترك الإنسان حرّا بل أسير الأزمات التي يجب ألاّ تتوقّف وعلى الإعلام أن يكون أداة التّسويق المُثلى لها تحت مسوّغات: حريّة التّجارة، الأمن الدّولي، السّلم العالمي، الصحّة، حقوق الإنسان والبيئة. ولعلّ من الأمور الأولى التي وُلدت مع العولمة أي مع تأسيس منظمة التّجارة العالمية هي عولمة السّلع والتّجارة وتبعتها وبشكل يكاد يكون متزامنا عولمة الإعلام مع عولمة شبكة الإنترنت والبثّ الفضائي. منذ ذلك التّاريخ بدأت كلّ الأزمات التي كانت محليّة أو إقليميّة تتحوّل بفعل فاعل إلى أزمات مُعولمة ودوليّة مثل الأقلّيات، والأديان، والانتخابات، والحروب والصراعات الإثنية وغيرها من القضايا. عطفا على كلّ ما ذُكر، فإنّ المشهد الإعلامي يوحي لنا بأنّ الحصان بات وراء العربة، أي أنّنا أصبحنا نستهلك يوميا إعلام الأزمات وهو ما يُعرقل إنسانيّا أيّة فرصة لإعادة التّفكير في حياة الانسان ومصير الشّعوب بشكل تضامنيّ قائم على مبادئ الحرّية والمساوة والعيش المشترك، مماّ يُحتّم علينا عِلميّا إعادة العربة وراء الحصان. إنّ إشكال التّغطية الإعلامية ليس كامنا في الأزمة بل فيما قبل الأزمة، لأنّ ما بعد الأزمة لا يعدو أن يكون سوى أزمة جديدة. وعليه، فإنّ على وسائل الإعلام مستقبلا أن تحرّر الإنسان من هيمنة إعلام الأزمات وهو إعلام اللّحظة وذلك حتّى نتمكّن وبشكل حرّ من التّفكير، وخاصة تقييم ماضينا واستشراف مستقبلنا انطلاقا من حاضرنا.

ومن هذا المنطلق، يهدف هذا العدد الخاص والأوّل من "مجلّة بحوث الاعلام والاتّصال" إلى إثراء النّقاش حول أخلاقيات الإعلام خاصّة فيما يتعلق بالأخبار المزيّفة والتّغطية الإعلاميّة للأزمات. ويسعى هذا العدد إلى دراسة هذا المجال المتنامي وتقديم رؤى نقديّة حول العملية الاتّصالية على كافة المنصّات في العالم العربي. وبالتالي نرحّب بالمساهمات العلميّة المبنية على الدّراسات الميدانية أو المقاربات النّظرية الأصيلة فيما يتعلّق (على سبيل المثال لا الحصر) بالمحاور الآتية: - تغطية الحروب والصراعات وأخلاقيّات العمل الصحفي.
- التغطية الإعلامية لجائحة كورونا COVID19 وتضارب الرّوايات في وسائل الاعلام المختلفة.
- الدراسات المقارنة بين وسائل الاعلام العربية وتغطيتها للوباء.
- الذّباب الالكتروني وتحدّي سيل الأخبار الكاذبة.
- توظيف وسائل الاعلام في توعية الجماهير ومجابهة الوباء.
- مستقبل الصحافة في العالم العربي في ظل تجدّد الأزمات.
- مقاربات نظرية للأعلام والأزمات
- وسائل الاعلام كأدوات للحروب النفسية
- الاتّصال والعلاقات العامّة في مواجهة الشائعات خلال فترة الأزمات.
- وسائل التّواصل الاجتماعي ومجابهة الأزمات وإدارتها.

تسليم البحوث:
يتمّ تسليم البحوث الكاملة (من 7500 إلى9000 كلمة بما يشمل قائمة المراجع) عن طريق البريد الالكتروني للمجلّة.
البريد الالكتروني للنشر في المجلة: journal-submission@amcn.online

مواعيد هامة ينبغي مراعاتها:
- 30 سبتمبر 2020: تسليم الملخّصات والتي لا تزيد عن 300 كلمة مع السيرة الذاتية للمؤلف (100 كلمة) وتفاصيل الاتصال (البريد الالكتروني، رقم الواتساب، الجامعة أو المؤسّسة التي ينتمي إليها)
- 25 ديسمبر 2020: تسليم الأوراق البحثية كاملة
- 25 يناير 2021: تحكيم البحوث
25 فبراير 2021: تسليم النسخة النهائية للورقات العلمية
- مُتوقّع صدور العدد الأول: بتاريخ أبريل 2021 (المجلد 1، العدد 1)