كتاب الإعلام والانتقال الديمقراطي في العالم العربي

فهرس فصول كتاب الإعلام والانتقال الديمقراطي وسير المؤلفين والتقديم


الإعلام والانتقال الديمقراطي في العالم العربي
كتاب جماعي: إشراف وتنسيق
جمال زرن - نورالدين الميلادي

 

تقديم:
قبل اندلاع الربيع العربي وإلى زمن ليس بالبعيد كانت المنطقة العربية منطقة مستثناة من فرضية تحول أنظمتها إلى أنظمة ديمقراطية . من جهة أخرى كان الإعلام هذا الوسيط الذي كان وراء حركة التنوير والتحديث في الغرب، أيضا أداة مستثناة في ادارة الشأن العام ويعود السبب إلى خلفية الاستثناء الذاتي للمجتمعات العربية من الديمقراطية، وهو استثناء تغذيه أنظمة سياسية في بحث دائم عن الشرعية وتدعمه قوى خارجية لها مصالح في المنطقة العربية. ذلك أن ثنائية الديمقراطية والإعلام بوصفهما زوجان لا ينفصلان هي التجسيد الفعلي لمبدأ حرية التعبير عبر وسائل الإعلام.
المثير فكريا في كل هذا الذي حدث بعد الربيع العربي هو أن العرب دخلوا عصر الوسائطية-أي عصر الإعلام والاتصال-وبات تبادل الأخبار والآراء يثير الرأي العام ويحدث صيغا مختلفة من التأثير والحراك الاجتماعيوصل إلى حد مساهمة وسائل الإعلام في التغيير السياسي. هذه الإضافة النوعية في الممارسة السياسية والاتصالية وفي الفكر التواصلي العربي جاءت بها كل من ثورة تونس ومصر والتي أظهرت مكانة الاتصال الجماهيري في إظهار التراكم الثوري. وقد تجلى ذلك من خلال ضربين تواصليين. يتمثل الضرب الأول في فعل وسائل الاتصال الجماهيري التقليدية مجسدة في التلفزيون وتحررها من قهر الدولة الوطنية وخاصة التغطية المباشرة للقنوات الفضائية الإخبارية مثل قناة الجزيرة وغيرها من القنوات الإخبارية) العربية، فرنسا 24 ( لثورتي تونس ومصر. ويتمظهر الضرب الثاني في النمو المطرد لشبكة الإنترنت وتطبيقاتها في شبكات التواصل الاجتماعي وصحافة المواطن مجسدة في كل من المدونات ومواقع الفيس بوك وتويتر ويوتوب. كما لا يمكننا تغافل فعل عدة أشكال من التواصل غير الظاهر والذيلا يعتبر امتداد للتقنية منها على سبيل الذكر خطاب الشتيمة، والكتابة على الجدران وخطب الجمعة والمسجد وكلها فضاءات اتصالية تعبر عن انفجار المجال العمومي العربي على مصراعيه وهي فضاءات في حاجة إلى البحث والدراسة.
في البدء يمكن القول أن العرب اكتشفوا بعد انتفاضات الربيع العربي ما يمكن أن يقدمه الاتصال والإعلام للمساهمة في تفعيل الحراك الاجتماعي المطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية. إن هذه القيمة تأكدت ليس فقط من خلال عملية النشر الواسع للأفكار ذات الصلة بقضايا الشأن العام والحريات السياسية والمدنية بل بالأثر الذي من المحتمل أن تحدثه عملية النشر في الرأي العام المحلي والدولي. تحقق هذا من خلال ما كانت ولا زلنا نؤكد عليه النخب-طيلة أكثر من خمس عقود-من أن المدخل الأساسي لأي مشروع حداثي / تنموي عربي رهين توفر حزمة من الحريات لعل حرية التعبير على الرأي وحرية الإعلام أهمها.
يسعى هذا الكتاب إلى مسائلة الماضي لتفسير الواقع وتوقع المستقبل ضمن صيرورة فكرية تقر بأن ثورة 2011 في تونس انتجت سياقا وظيفيا جديدا للمؤسسة الإعلامية في قطيعة ظاهرة عن ما سبقها. إن هذا المؤلف دعوة للمساهمة في مقاربة تحليلية تقييمية لزخم إعلامي واتصالي عربي في تفاعله مع الشأن العام قل نظيره في المنطقة العربية، فقد شهدت دول الربيع العربي انتخابات 201 انتخابات وبروز مؤسسات إعلامية خاصة عمومية وجمعياتية وهو ما يشير إلى وجود تلاقح عميق بين المجال الإعلامي والمجال السياسي.
لبلوغ كل هذا سيحاول هذا الكتاب مسائلة أهم تجليات العلاقة بين الإعلام وحراك الربيع العربي وخاصة السياق التاريخي للتراكم الثوري قبل جانفي 2011 وبعده من خلال مناقشة مسألة الإعلام العربي من بدايات دولة ما بعد الاستقلال إلى الثورة. كما سيفرد هذا المؤلف فصلا خاص بالإعلام التونسي والجمهورية الثانية وخاصة منذ إعلان بعث مجلس تأسيسي جديديقطع مع النظام القديم.

 

فهرس فصول كتاب الإعلام والانتقال الديمقراطي وسير المؤلفين والتقديم